قرية فيتنامية في قلب المغرب العميق

لم يتبق للآباء جنود معركة "دان بيان فو" من المجد سوى الذاكرة

لا أحد يتذكر في المغرب بلدة "سيدي يحيى الغرب".

أهل منطقة الغرب، وهي من أكثر مناطق المغرب خصوبة، يعرفون أن حاضر هذه البلدة هو الخشب، أما الماضي فهو أسوأ حادثة قطار عرفتها البلاد في الستينات. تشتهر البلدة، التي يعتقد سكانها أنها مدينة، بتجارة الخشب، إذ هي مرمية على قارعة طريق تحيط بها غابات أشجار «أوكالبتوس» من كل جهة. كنا في طريقنا إلى «قرية فيتنامية» في قلب المغرب العميق. توقفنا في «سيدي يحيى» لتناول الغداء. وجبة من لحم البقر المبخر، ما أسوأها، لكنه الجوع أحيانا.. شوارع البلدة مثل أطلال خولة.

كان علينا بعد ذلك أن نتجه نحو طريق ترابي، يمر ببعض حقول الزيتون والخضراوات. رائحة الخضراوات وهي في الحقل ليست هي رائحتها عند باعة الخضر. صادفنا قرب ترعة أطفالا يحملون حقائب مدرسية، يلتقطون بعض الأسماك الصغيرة قرب جدول مياه مندفعة، يتقافزون، يتصايحون، يضحكون، يمرحون.

سكان هذه البراري، يطلقون على أهل «القرية الفيتنامية» الشينوا، وهو اسم محرف من الفرنسية، ويعني «الصينيين». كل الآسيويين في المغرب هم «شينوا». سألنا شابا، فوق عربة كارو يجرها بغل هده التعب، عن الطريق نحو «القرية الفيتنامية»، قال إننا نسير في الاتجاه الصحيح. حمير وماعز وخراف ودجاج تقطع الطريق الترابي فنضطر للتوقف. هنا في هذه البراري يمكن أن تصبح الدجاجة «شرطي مرور»، لا بد أن تتوقف السيارة حتى تقطع هذه الدجاجة الطريق وهي تتبختر، علما بأن مساهمتها في حياة هؤلاء الفلاحين ليست سوى بيضة واحدة في اليوم.

وصلنا بعد جهد إلى منزل واحدة من أسر «القرية الفيتنامية». لم يرحبوا بنا، خاصة بعد أن عرفوا من نحن وماذا نريد. جاءت صبية وطلبت منا أن نغادر المكان، طردتنا، شرحنا، ثم شرحنا، لكنها لم تتنازل. فهمنا أن لهم تجربة سيئة مع إحدى قنوات التلفزيون.. متى كان التلفزيون ليس سيئا؟

يقول العلام، أحد هؤلاء الجنود، بعد أن قدم لنا الشاي، إنه عاش طفولة ممزقة.. كان يعمل راعيا في منطقة «حد كورت». كان مراهقا يراقب حياة تستيقظ من حوله في مغرب يمور بالحركة في مطلع الخمسينات. اختار، بسبب ضنك العيش، أن يذهب إلى «الجيش». انتقل إلى فيتنام عام 1950، إلى مدينة قرب هانوي. بعد 9 سنوات تزوج زوجته الفيتنامية «ناويتن يون». يتذكر العلام «أمجاده في فيتنام». بالنسبة له كانت «معركة كبيرة» خاضها ولم تعد الآن سوى ذكرى. إنها مجده الوحيد في هذا العالم. المجد السابق طبعا. لكن لعله الآن يشعر في دواخله كذلك بأنه يتنسب إلى حياة بلا مجد. حالة تناقض يصعب توصيفها.

سألته: كم شخصا قتلت أثناء الحرب؟

لا أعرف.. لكن حدث أن أطلقت النار على أحد الفيتناميين، تعمدت أن أطلق الرصاصة على فكه، حتى لا أقتله. في مرة أخرى واجهت اثنين، وحين أشهرت عليهما سلاحي، راحا يرتلان صلاة بوذية، انسحبت دون أن أطلق رصاصة واحدة.

ما أكثر ما أعجبك في الفيتناميين؟

النقد الذاتي، ويطلقون عليه بالفيتنامية «فاي بين». اعتقد العلام، كما هو شأن أقرانه، أنهم ربما يفلتون من آثار الحرب بعد معركة «دان بيان فو»، لكن هذا الوهم سرعان ما تبدد، عندما انطلقت المقاومة في المغرب ضد الفرنسيين. خلال تلك السنوات أضحى العلام رجلا لا تروعه الأخبار السيئة.

عندما اندلعت حرب المقاومة في المغرب، وجد هؤلاء المغاربة أنفسهم مع الفيتناميين ضد الفرنسيين، على الرغم من أنهم ذهبوا إلى تلك الأصقاع البعيدة يدافعون عن «فرنسا الحرة».

أقمت بسيدي يحيى الغرب في العطلة الصيفية لسنة 1998 . كلما ما رأيته في هذه البلدة الصغيرة هو الإجرام ، وتعرض سبيل المواطن من طرف مجرمين جبناء ، فكل يوم جريمة سطو أو قتل مروعة ، ومشاجرات بين الأمن والمجرمين فعز النهار . هاد المجرم هرب من قبضة الأمن و الأصفاد في يديه رجال الأمن من ورائه يجرون ويستنجدون بالمواطنين لإيقاف المجرم ، طبعاً فوزنهم زائد . أما الفيتنامين فقد شاهدت شاب وأخته ، كان هو في غاية الأدب ، أما هو فكانت متعجرفة ، أتدكر كيف أهانتني لمجرد أن نطقت بكلمة خاطئة . تباً لكي أينما كنت . أما أخاك عمر فسلامي له .

أخي الفاضل,طلحة ,إنك تتحدث عن مدينة سيدي يحيى الغرب وكأنها بدارفور,لماذا تعمدت مجانبة الصواب,قائلا إنها في قلب المغرب العميق ,مع العلم أنها لاتبعد عن الرباط العاصمة ‘لا ب67 كلم,وألصقت بها أسوأذكرى,ألا وهي حادثة القطار,وصحح معلوماتك ف‘نها حدثت فب سبعينيات القرن الماضي وليس الستينيات,وقد وصفت الطرلايق التراتبي أنه يمر بحقول الزيتون,فامسح عن نظارتيك غبارالهرم,إنها أشجار الأوكالبتوس.
واعلم أيها الرفيق أن أجود اللحوم بالمغرب توجد بهذه المدينة الرائعة.
واعلم أن سكان هذه المدينة يشهد لهم العالم بالتسامح والتضامن,فهم الذين آزروا سكان - تيلكريك سير مير- الفرنسية إبان الحرب العالمية الثانية حينما امتدت يد البطش الألماني,وبعثوا لساكنة هذه المدينة : تشاميرات ونعال- واعترافا من هؤلاء بالجميل أقاموا نصبا تذكاريا يؤرخ لهذا الحدث النبيل,لا زال قائما إلى يومنا,أما عن كل الآسيويين -شينوا- فالمغاربة قراء نهم للتاريخ وصانعوه,يميزون بين كل الأجناس ,لا تزعج من كلامي هذا فهو للتاريخ فقط,أيها الزميل الذي جمعتني وإياك أمسية إبداعية بسيدي الطيبي -ضواحي القنيطرةذات ربيع

موضوع جداً رااااااائع ومثير.!!!
`•´
( `•.¸
`•.¸ )
¸.•´
( `•.¸
`•.¸ )
¸.• )´
(.•´
×´¨) (¨`×
¸.•´¸.•´¨) (¨`•.¸`•.¸
(¸.•´ ( ) `•.¸)
(¨`•.¸`•.¸ ¸.•´¸.•´¨)
(`'•.¸(` '•. ¸ * ¸.•'´)¸.•'´)
«´¨`.¸.* maryam *. ¸.´¨`»
(¸. •'´(¸.•'´ * `'•.¸)`'•.¸ ).

بصراحة موضوع مميز وممتاز بصراحة معلومات جديدة ومفيدة.. بارك الله فيكم.
تحياتى

كلام رائع وينم عن ثقافة واسعة وعريضة واطلاع كبير وقراءات مقارنة على جانب كبير من الدقة والعمق والتحليل ... أحييك استمر على هذا الدرب وستصبح باحث تاريخي إن شاء الله

سبحــان الله سلمت الانامل
شكراً على الطرح الرائع لكِ مني أجمل تحية
ودي ورحيق وردي