"البايرة" .. نموذج الفيلم الشرعي بكاميرا تغض البصر

"البايرة" .. نموذج الفيلم الشرعي بكاميرا تغض البصر
الأربعاء 12 يونيو 2013 - 11:55

دخلت قاعة سينما في الرباط منتصف أبريل 2013 لمشاهدة فيلم "البايرة" لمحمد عبد الرحمان التازي. انزويت في مؤخرة القاعة. كان الجالسون في المقاعد القريبة مني رفقة شابات ظهر دفئ الربيع على ملابسهن. كان اختيار تلك المقاعد تعبيرا عن نية مُبيتة.

يحكي الفيلم عن وفاة تاجر خلّف أرملتين وابن وابنة فاتها قطار الزواج. يأتي عمّها الستيني الأعزب ليبحث لها عن زوج. في كل مرة يجلب رجلا علّها تقبل به لكنه يهرب. وقد اشتقت صفة "البايرة" من الأرض البور أي التي لا تسقى وبالتالي لا تثمر. هكذا ينظر المجتمع المغربي للعانس.

البايرة مضيفة طيران، يرفضها الرجال المقترحين لأن سنها كبير، يأتي جزار لخطبتها فيغضب لأنها غير سمينة. الغريب أن الشخصية التي يحمل الفيلم اسمها لا تحظى بالأولوية. لا يتصور المخرج أن تكون المرأة بطلة لفيلمه رغم العنوان. فالعم (أداء صلاح الدين بنموسى) هو الذي تتبعه الكاميرا طيلة الوقت في مغامراته الطيبة: تعطلت سيارته، وحين فتحها ليطل على المحرك غطى الدخان وجهه فصار أسودا. وشاءت الصدفة الربانية أن تمر سيارة شرطة فاعتقلته ليجد نفسه مع المهاجرين الأفارقة. وفي مخفر الشرطة مسح وجهه فظهر أنه أبيض فأطلق سراحه وبقي السود معتقلين. وطبعا هناك كيس كليشيهات حول النساء: امرأة تسوق سيارة ترتكب مخالفات وتحمل المسؤولية للضحايا، نكت حول العنوسة أهمها اللجوء لفقيه ليبطل السحر الذي عطل زواج البايرة... يجري ذلك أمام أرملتي الهالك اللتان تعيشان في سلام ووئام كما في الجنة.

هذا فيلم لم يُغضب أحدا ولم يُهاجمه أحد، لم يحطم رقما قياسيا في المشاهدة ولم يظهر عنوانه في صفحات الجرائد. رب سائل يسأل: وما الداعي للكتابة عنه؟

الجواب:

لأنه الجواب العملي من أنصار الفن النظيف. فيلم يحترم معايير الذوق ويقدم شخصيات طيبة بلون واحد، كوميديا بسيطة حول الزواج في مجتمع تقليدي. فيلم يمكن "لكل العائلة" كما يفخر أنصار الفن النظيف. فيلم ركز على مسائل اجتماعية لا تثير قضايا خلافية. يجري فيه حوار فصيح تجريدي، معقم بماء جافيل ضد كل لفظ رائج في الشارع.

صور المخرج العموميات بينما مهمة الكاميرا هي التلصص على المجتمع لإبراز تفاصيله. تطبيقا لقوله تعالى في سورة الحجرات "ولا تجسسوا". لذلك يصور المخرج شخصياته بكامل لباسها على الشاطئ، حين يستحم العم يفعل ذلك بتبان شرعي يصل الركبة لكي لا تتجسس الكاميرا على عورته. لا يصور المخرج البايرة وخطيبها في خلوة غير شرعية، ليس في الفيلم قبلة يضطر الرقيب لحذفها. طبعا مخرج فاضل سيدخل الجنة دون حساب لأنه صور بكاميرا تغض البصر لكي لا ترتكب جرم الزنا. وهذا فيلم يستحق أن يتخذه المخرجون المغاربة قدوة في زمن صعود الإسلاميين وتزايد التدين الشفوي.

هذه خلاصة ساعتين من الضجر قصة مستهلكة فارغة. تحملتها لأكتب عن الفن النظيف. المشكل أن العشاق حولي توقفوا عن المشاهدة وانهمكوا في علاقات حميمية أتلصص على هسيسها. وهكذا غابت القبل عن الشاشة واشتعلت في مؤخرة القاعة. وهذا ما يضع خصوم السينما في وضع حرج مع جمهور، يؤيد الإسلاميين ولكن لا يريد فنا نظيفا. وفي تعليقه على تعامل الأسر المغربية مع السينما قال المخرج المغربي عز العرب العلوي أن تلك الأسر تفضل الأفلام الوطنية. لكن عندما تدخل الأسر المغربية قاعة سينما وتجد فيلما غير محتشم يحتج الأب وتغادر الأسرة القاعة. وبعد ذلك يأتي الأب ليشاهد الفيلم مع أصدقائه وتأتي الأم مع صديقتها والإبن مع أصدقائه وهكذا يتضاعف عدد التذاكر التي تباع.

الدرس من ذلك أن الجمهور المغربي الذي يقصد القاعات السينمائية لا يبحث عن الفن النظيف. وبما أن الذين يطالبون بفن نظيف لا يذهبون للسينما فمن الجيد أن يسدد المخرجون على الفئة الأولى. فهي زبونهم الوحيد الذين لا يبحث عن العفة بل عن اللذة. واضح أن سرد سيّر الأخيار لا تنجح. واختم بربط جديد بين السينما والشعر. فقد نقل ابن قتيبة عن الأصمعي قوله: «إن الشعر ناكر للجميل والشر هو ميدانه المفضل، ولو وضع نفسه في خدمة الخير يضعف». وكذلك الفيلم.

la terre de BOUR est totalement l'inverse de ce que l'auteur avance dans son article, par ce que le BOUR est la terre qui ne demande pas de l'irriguer et malgré elle donne de fruit.
merci

موضوع مميز ورائع

يسلمو حبيبي ... حبيبتي على طرحك

دائما محط اعجاب وتقدير

لك مني كل الاحترام والتقدير

شكرا لك هذا العطآء المميز

بأنتظارك بكل جديدّ
تقديري..//~

الف شكـــــــر على الموضوع الرائع ,,

والله يعطيك العافيـــه ,,

شكرآ على مرورك

اسعد الله قلوبكم وامتعها بالخير دوماً
أسعدني كثيرا مروركم وتعطيركم هذه الصفحه
وردكم المفعم بالحب والعطاء
دمتم بخيروعافية

ماأجمل تلك المشاعر التي
خطها لنا قلمكِ الجميل هنا
لقد كتبتِ وابدعتِ
كم كانت كلماتكِ رائعه في معانيها
فكم استمتعت بموضوعك الجميل
بين سحر حروفكِ التي
ليس لها مثيل

دمت بألف خير

اسعد الله قلوبكم وامتعها
بالخير دوماً

أسعدني كثيرا مروركم وتعطيركم هذه الصفحه

وردكم المفعم بالحب والعطاء

دمتم بخير وعافية

لكم خالص احترامي

أصبت و رب الكعبة. وكما يقول المثل ''المجتمع المغربي دير بقوالو لا تدير بفعالو''

http://www.hespress.com/art-et-culture/81479.html

» يسرا تثير غضب خبراء الطب الشرعي بمصر
» الفيلم الأمريكي "الملك ريتشارد: عائلة فائزة ".. سياقات العزم وخيبات الأمل
» وحشى قاتل حمزه بن عبد المطلب فى فيلم الرساله فنى كهرباء وليس ممثلا .. ووالدته طردته من البيت بعد الفيلم
» تاريخ سينمائي جديد كتبه هذا الفيلم
» مخرج الفيلم المسيء للنبي "ص" يختفي عن الأنظار